لا أنا ولا أنت خبراء إقتصاد، لكنك وأنا شركاء فى التعبير عن
الواقع الذى نعيشة، مع إختلاف وجهات النظر ووفقاً لحالة كل فرد فينا، والخبراء هم الفيصل
بيننا، لكنى أدعوك للمشاركة فى التحليل والعرض والتدقيق فى الأرقام، لأنها حقاً مخيفة
ومرعبة، وفهم الجزء الأخير من كلماتى، وتأكد أنه لا مفر فى أننا شركاء والضرر واقع
علينا جميعاً، فحاول أن تشاركنى بصدق فهى فى النهاية مشكلة مشتركة بيننا ولا حلول دون
مشاركة.
عزيزى الشريك... لا أحد ينكر أن الفقر والجوع والبطالة، مخاطر
تهدّد حياة المجتمع المصري الذي يعاني نسبة كبيرة منه عجزاً في توفير قوته اليومي،
ووفقاً لإحصائيات رسمية فإن 30 مليون مصرى يرزح تحت خط الفقر المدقع، إضافة إلى ارتفاع
عدد العاطلين عن العمل إلى 3.5 مليون، وبحسب المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر
الذى يؤكد على أن معدلات الفقر في البلاد قد إرتفعت لتصل إلي 32.5 في المئة من عدد
السكان، بنهاية العام المالي 2017/ 2018، مقابل 27.8 في المئة لعام 2015/ 2016
، وقد
تم إعلان هذه الإحصائيات فى مؤتمر وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى فى مؤتمرها
الذى عُقد يوم الإثنين 29 يوليو الجارى، بعنوان :" إعلان نتائج بحث الدخل والإنفاق
والإستهلاك وخريطة الفقر لعام 2017/2018،
فيما تصدر صعيد مصر قائمة المحافظات الأكثر
فقراً في الجمهورية، حيث سجلت محافظة أسيوط نسبة فقر بين مواطنيها بلغت 66.7 في المئة،
تلتها محافظة سوهاج بنسبة 59.6 في المئة، ثم الأقصر 55.3 في المئة، والمنيا 54 في المئة،
ثم قنا 41 في المئة، وأن ما يقرب من 46 قرية في محافظتي أسيوط و سوهاج تتراوح نسبة
الفقر فيها بين 80 إلى 100 في المئة، فضلا عن معاناة 236 قرية في سوهاج من الفقر، وهي
نسبة بلغت 87 في المئة من قرى المحافظة، ما جعلها تسجل النسب الأعلى بين أفقر 1000
قرية في مصر.... ألا ترى أنها أرقام مخيفة فعلاً؟
عزيزى الشريك المصدوم... حاول تفوق من صدمتك لحظة، ودعنا نترك
الأسباب التى أوصلتنا إلى هذه الأرقام المخيفة، ونحاول أن نجد أى مخرج، وخلينى أدخل
معاك فى الموضوع على طول بالحديث عن " حقيقة الإنتاج"، وبداية إذا أردنا
أن نحدد طبيعة علاقات الإنتاج فعلينا أن نتساءل، من يملك وسائل الإنتاج؟
وترشدنا الإجابة
على هذا السؤال عن وضع علاقات الإنتاج أى وضع العلاقات الإقتصادية والاجتماعية بين
الناس، فإن كانت وسائل الإنتاج ملكاً للمجتمع بأسره، فإن العلاقات بين الناس ستكون
علاقات تعاون وتبادل للمنفعة، أما إذا كان الأمر عكس ذلك، فإن الذين لا يملكون أى وسائل
للإنتاج لن يستطيعوا أن يعيشوا دون أن يضعوا أنفسهم تحت تصرف الذين يملكون هذه الوسائل،
فالبعض يعمل والبعض الآخر يستغل هذا العمل،
وتتعارض مصالح الفريقين مع مصالح الفريق
الآخر، إذن لابد لنا من التعاون والتضامن فى الإستفادة من الإنتاج عن طريق تغيير وسائله،
فهو ضرورة موضوعية كى نخرج من هذا المإزق، فلا يمكن أن تتم هذه الإستفادة إلا فى إطار
المجتمع، والشخص الذى لا يملك الوسائل المادية الضرورية للحياة مضطر عملياً إلى العمل
عند الآخرين فى علاقة خضوع،
فالإستغلال هنا ليس مجرد فكرة، ولكنه واقع موضوعى يضغط
بكل ثقله على الإنتاج، وبطبيعة الحال فإن الناس لا يؤثرون على الطبيعة وحده أثناء الإنتاج،
بل يؤثرون على بعضهم البعض، هم لا ينتجون إلا بالتعاون، ويدخلون من أجل الإنتاج فى
علاقات وارتباطات فيما بينهم، وينحصر تأثيرهم على الطبيعة ويصير التغيير واقعاً فى
صالح الجميع .
عزيزى القارئ... بلادنا تمتلك ثروات طبيعية هائلة لو أحسنا إستغلالها
وحاولنا الإستفادة منها بالتعاون، خاصة أن بلادنا تمتلك رأسمال اجتماعى هائل وقوة بشرية
جبارة وقادرة على الإنتاج، فى وقت يتميز فيه الإنتاج بخاصية التغير والتطور الدائم،
ولا يقف أبداً فى نفس مكانه، فطبيعة الإنسان دائماً تحاول أن تستخلص أقصى ما تستطيع
من الطبيعة،
وتستغلها لصالحه وإلا ما كان إنساناً واعياً، بل سيتحول إلى حيوان، وبما
أن الصراع دائم بين الإنسان والطبيعة، فإن الإنسان لا يمكن أن ينتج بشكل منعزل وإلا
تردى إلى الحالة الحيوانية، ويصارع الناس الطبيعة معاً فالإنتاج دائماً إنتاج اجتماعى
مهما كانت الظروف، وبما أن الإنتاج يتسم بالطباع الاجتماعى، فلابد من نشأة علاقات بين
الأشخاص القائمين بالإنتاج.
عزيزى القارئ.. " طولت عليك"، لكن يا عزيزى دعنا على
عجالة نعود للإرقام عاليه، ونقارن بين النسب ولنأخذ منها مثالاً متوسطاً لبعض البلاد
التى وصلت فيها نسب الفقر بعد ال 50%،
ونتخيل أن هذه النسبة الواقعة تحت خط الفقر،
مقارنة بالنسب التى تمتلك وسائل الإنتاج نجد أن هناك فورق كبيرة ومخيفة تنبأ بهلاك
قادم، ووفقاً لنظريات الفقر التى تؤكد أن الفقر يولد فقر، فإن ال30 مليون الذين يقعون
تحت خط الفقر من الممكن قادرون على إهلاك ال70 مليون الباقية بحكم توارث الفقر وتكاثر
بذوره، فلا مجال يا عزيزى إلا بالتعاون الصادق فى إستغلال الثروات الطبيعة فى بلادنا
ومشاركة من يملكون وسائل الانتاج بصدق،
وسيبك من كلام " عم الشيخ" و " أبونا" " وعم الإعلامى" اللى بيقول إن الغنى لو معطاش الفقير ربنا هيولع فيه، وخلينا فى إن الغنى يشارك مع الفقير ويتبادل الإثنان المنفعة " مكسب مقابل مكسب"، فالتاريخ يؤكد أن هناك مجتمعات تعايش فيها الطرفان وتعاونا فيما بينهما وعاش الجميع فى سلام دون صراع، ومجتمعات تفرقت فيها جميع الأطراف، وكان الزوال هو مصيرها جميعاً، فخلينا نتعاون، و"بلاش نضحك على بعض
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق