فتاوي بريد الإسلام للشيخ فتحي العقر.. ما حكم زواج الإبن من مطلقة أبيه ؟
يسأل القارئ ( س.ص)- من مدينة أبنوب فيقول : رجل عقد على إمرأة عقداً صحيحاً ثم طلقها قبل الدخول بها ، فهل يجوز لإبن هذا الرجل أن يتزوج من مطلقة أبيه التى لم يدخل بها ؟
ومن داخل مكتبة المرحوم الشيخ فتحي العقر
أجاب فضيلته عن هذا السؤال فقال :
جاء فى كتاب " أحكام الأسرة فى الإسلام " أ.د./ جابر على مهران - عميد كلية الحقوق جامعة أسيوط- الباب الثانى ، الفصل الرابع ص ١٤٥ تحت عنوان" المحرمات من النساء " أن الله سبحانه وتعالى حرم بعض بنات آدم بسبب من الأسباب المؤبدة أو المؤقتة .
فالمحرمات على سبيل المثال ينحصرون فى ثلاث أنواع:-
النوع الأول :
المحرمات بسبب القرابة .
والنوع الثانى :
المحرمات بسبب المصاهرة .
والنوع الثالث:
المحرمات بسبب الرضاعة .
والمحرمات على
التأقيت إما لحق الغير أو للزجر والردع أو لرعاية حق الرحم أو لتجنب الأضرار أو
لعدم الدين السماوي أو لرعاية الكرامة والألفة .
* وقد بين الله سبحانه وتعالى. المحرمات بسبب المصاهرة فى قوله ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً ) الآية رقم ٢٢ من سورة النساء ، وقوله سبحانه ( وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي فى حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ) الآية رقم ٢٣ من سورة النساء .
وعليه فالمحرمات بسبب
المصاهرة أربعة أنواع : ( أصول الزوجة - فرع الزوجة - وزوجة الفرع - وزوجة الأصل ) .
وجاء فى فقه السنه للسيد سابق ج٢ ص٧٣ باب المحرمات بالمصاهرة : أن زوجة الأب يحرم علي أبن الزوج أن يتزوجها بمجرد عقد الأب عليها وإن لم يدخل بها .
وجاء فى تفسير القرطبي ج٥ ص٩٤ أن سبب نزول قول الحق سبحانه( يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ) الآية رقم ١٩ من سورة النساء .
ما رواه البخارى عن أبن عباس قال : كانوا إذا مات الرجل منهم كان أولياؤه أحق بامرأته ، أن شاء بعضهم تزوجها ، وأن شاء زوجها وإن شاء لم يزوجها ، فهو أحق بها من أهلها .
وأخرجه أبو داود بمعناه عن قول الزهرى : كان من عاداتهم إذا مات الرجل يلقى إبنه من غيرها - أو أقرب عصبة - ثوبه على المرأة فيصير أحق بها من نفسها ومن أوليائها ، فإن شاء تزوجها بغير صداق " مهر" وإن شاء زوجها من غيره وأخذ صداقها ولم يعطيها شيئا .
وإن شاء عضلها لتفتدى منه بما ورثته من ألميت أو تموت فيرثها . وقيل : كان الوارث إن سبق فألقى عليها ثوباً فهو أحق بها وإن سبقته فذهب إلى أهلها كانت أحق بنفسها .
والمقصود من الآية إذهاب ما كانوا عليه فى الجاهلية وألا تجعل النساء كالمال يورثن من الرجال كما يورث المال .
ويضيف القرطبي: أن قبائل العرب كانت قد اعتادت أن يخلف أبن الرجل على إمرأة أبيه ، وكانت هذه السيرة فى الأنصار لازمة وكانت فى قريش مباحة مع التراضى ، فقد تزوج - عمرو بن أمية - إمرأة أبيه بعد موته - فولدت له ( مسافراً وأبا معيط) وكان لها أولاد من أمية أبو العيص ، فكان بنو أمية أخوة - مسافر وأبى معيط - وأعمامها فى نفس الوقت .
ومن ذلك صفوان بن أمية بن خلف تزوج بعد أبيه امرأته " فاختِه بنت الأسود بن عبد المطلب بن أسد" وكذلك منظور بن زيان تزوج مليكه بنت خارجة - وهكذا كانوا وقد عفا الله عن الأشياء السابقة( إلا ما قد سلف ) وعقب بالذم البالغ المتتابع ( إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلاً ) وذلك على أنه فعل إنتهى من القبح إلى الغاية . قال أبو العباس : سألت أبن الأعرابي عن نكاح المقت فقال : هو أن يتزوج الرجل إمرأة أبيه إذا طلقها أو مات عنها . ويقال لهذا الرجل ( الضيزى ) والضيزى هو الذى يزاحم أباه فى امرأته .
وأصل المقت البغض . وكانت العرب تقول للرجل الذى يتزوج إمرأة
أبيه " مقيت " . والمراد من الآيه النهى عن أن يطأ الرجل إمرأة وطئها
أبوه ، ويقول الأمام الفخر الرازى فى
تفسيره " مفاتيح الغيب " ج٩ ص١١٦
وأعلم أن مراتب القبح ثلاثة : القبح العقلى
والقبح الشرعى والقبح العادى . وقد وصف
الله نكاح الإبن لزوجة أبيه من بعده (
فاحشة ومقتا وساء سبيلاً ) ومتى اجتمعت فيه هذه الوجود فقد بلغ الغاية فى القبح .
وبناء على ما تقدم فلا يجوز للابن أن يتزوج من مطلقه أبيه دخل بها أولم يدخل
.
والله تعالى أعلم
الشيخ/ فتحي العقر
الإمام المثالى بوزارة الأوقاف المصريه
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالميه
نشرت الفتوى بالعدد رقم ١٠٢ ص٦ بتاريخ ٢٠ / ٤ / ٢٠٠٤ م - جريدة أخبار أسيوط. وجمعت تحت رقم ٨٢ - ص ١٦٤ كتاب فتاوى بريد الإسلام.
كتبه (ولاء خلف ) أملاه : نوران أحمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق